كتاب الرأي

ضياع بعض الفتيات، مسؤولية من؟

 

من المسؤول عن الانحراف الأخلاقي الذي يعد سبباً رئيسياً في ضياع بعض الفتيات؟

سؤال قديم جديد، ولكنه يطرح نفسه بقوة في وقتنا الراهن فنحن في زمن طغت فيه الفتن وحاصرتنا من كل زاوية الأمر الذي جعل الأساليب التربوية للفتيات في بعض الأسر بعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف إلا من رحم ربك.

عندما نتعمق أكثر في الأسباب والمسببات نجد البعض ينظر إليها من زاوية ضيقة ويحصر الأمر في الغريزة الجنسية وإشباع الرغبات لدى الفتاة أو الشاب، ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الأسباب التي تعود إلى الأسرة والمجتمع ككل، ولكني لن أتطرق إليها حتى أورد بعض مظاهر هذا الانحراف الأخلاقي فعلى سبيل المثال:
خروج بعض الفتيات وعرض أجسادهن بطرق مشينة كالميوعة والتثني والتكسر في المشي أمام الشباب إما للتباهي ولفت الأنظار وإما لأسباب نفسية كالشعور بالنقص أو الحاجة إلى الاهتمام والذي يأتي كانعكاس لعدم اهتمام بعض الأسر بفتياتها.
اللبس غير المحتشم بحيث يكون لاصق أو ضيق يشف ويصف جسد البنت مما يثير غريزة الشاب ويجذبه جذبا لمغازلتها ومعاكستها والجري ورائها ومطاردتها وقد تجد البنت متعة كبيرة في ذلك وخصوصا البنت المستهترة والغير مبالية بتعاليم دينها فهي لا تدري أنها بهذا التصرف الأرعن خالفت أمر ربها وخانت ولي أمرها ودمرت سمعتها وسمعة أسرتها وتتوسع الدائرة حتى يحق لنا القول وسمعة وطنها ..

من خلال هذا نستنتج كذلك أن الشاب الذي يندفع وراء غريزته فيستجيب لهذه الانحرافات السلوكية لدى الفتاة يتحمل جزء من المسؤولية عن الأضرار التي قد تلحق بالفتاة نتيجة لهذا الانحراف إذ كيف يستبيح هذا الشاب جسد فتاة رأى فيها ما رأى من إغراء؟

إن هذا الشاب لو تحركت لديه الغيرة والرجولة والخلق والدين لتقزز من لهاثه وراء ما يغضب الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وقد يكون هذا الشاب متزوجا وهنا المصيبة العظمى! إذا كيف يرضى بذلك وهو زوج لأخرى لا تختلف عن هذه الفتاة المستهترة بشيْ؟

وكيف تكون علاقته مع زوجته وتأنيب ضميره له؟
إضافة إلى أنه مع تقدم العلم واكتشاف الأمراض المستعصية التي تنتقل بسبب الجنس وممارسته الخاطئة خاصة وليس هناك من يجهل هذه النتيجة.
فهل من المعقول أنه يجهل ارتكاب جريمة شنعاء في حق نفسه وفي حق من حوله؟
فليتخيل المرء نفسه وهو منبوذ من مجتمعه محتقر في أعين المقربين منه، هل سيقدم على تتبع الشهوات والملذات دون تفكر بالنهاية؟

من هنا نقدر نقول أن للمجتمع دور حينما لا ينظر لهذا المستهتر بنظرة تشعره أنه محتقر وأنه عديم الضمير والمروءة، وأنه بلا شرف وأنه غير محترم وأن وجدوده وصمة عار في جسم المجتمع، إذْ كيف ماتت الغيرة على بنات المسلمين في قلبه وهن أخواته في الإسلام وأخواته في الحي الذي يقطنه، مما يعني أنه مصدر فساد في الحي، والفاسد ينظر إليه بدونية واحتقار واشمئزاز.
ومثل هذا قد يرى المسألة عادية فيما لو رأى أخته أو إحدى أقاربه منحرفة لأنه والعياذ بالله يصبح ديوثا أعمى القلب.
سماسرة الأجساد كذلك يتحملون جزء من المسؤولية عن الإضرار التي تلحق بالفتاة نتيجة انحرافها الأخلاقي فهم يسعون لإقناع مثل هؤلاء الفتيات بالرذيلة ومن ثم ابتزازهن عندما يقعن في شباكهم، وهم يدركون نتيجة ما يفعلونه ويدركون أن ما يسعون لإقناع هؤلاء الفتيات به جريمة تخل بشرفهن وشرف عائلاتهن ومجتمعهن.
ولا ننس أن هناك أسباب كثيرة للانحراف الأخلاقي ومن هذه الأسباب:
الفقر
الفراغ
أسلوب تربية الأبناء ومعاملتهم عند بعض الأسر
الانبهار بالتقنيات والعولمة التي غزتنا في عقر دارنا حيث يتعامل معها الكثير بدون قيود أو ضوابط
خروج بعض الفتيات مع السائق بمفردهن وترك الحرية لهن للخروج والعودة وكأن هذا السائق محرما لهن أو قيادة السيارة بدون احتشام وتعقل!
الحرمان في البيت من الدفء الأبوي فالبعض يجهل قواعد تربوية هامة تتناسب مع طبيعة الفتيات، على سبيل المثال يجب إشباعهن بصريا بنظرات الإعجاب وإبداء الاهتمام وإشباع مسامعهن بكلمات الحب والعطف والحنان فإذا ما امتلاء السمع من هذا الكلام الذي يفيض بدفء التلاحم والتراحم لم يعد لسحر الكلمات خارج البيت أثرا يذكر، لأن النفس تواقة لها من أقرب الناس لكن إن انعدمت فسيبحث عنها الشاب أو الشابة خارج البيت
الصداقة التي تخلو من المراقبة من قبل الأهل
القنوات الفضائية الإباحية
مواقع النت الغير مراقبه من الداخل
إعطاء صغار السن جوالات فائقة التقنية وتركهم بلا رقيب ولا حسيب
كل هذه وغيرها الكثير من أسباب ضياع بعض الفتيات واستباحة أجسادهن وضياع الشباب وجعلهم يلهثون وراء المتعة هنا وهنا.

وبعد كل ما طرح نعود لنجيب عن ذات السؤال ونحدد من المسؤول عن ضياع بعض الفتيات؟
لكن من الخطأ أن نعلق المسؤولية على الأسرة فقط فالمسؤولية هنا مسؤولية تكاملية يتحملها المجتمع ككل، فبالإضافة إلى دور الأسرة في التربية هناك دور تتحمله المدرسة ودور للمسجد ودور للمؤسسات الإعلامية، بل أن الكل له دوره ولا نستبعد أحدا من المسؤولية.
اللهم اهدِ أبناء المسلمين وبناتهم وقهم شر الفتن.

 

حصة بنت عبد العزيز _ الرياض
       كاتبة و أديبة

حصة بنت عبد العزيز

‏كاتبة مهتمة بالمجال الصحفي، أرى أنه إلزاما علي، أن يكون ماأقدمه للقارئ، ثروة حقيقية يتمتع بها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى